«خطة كيلوغ».. ورقة ترامب السريعة لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية
إعداد ـ محمد كمال
مع إعلان الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، اختيار الجنرال المتقاعد كيث كيلوغ، مبعوثاً خاصاً لأوكرانيا وروسيا، بدأت تتكشف تفاصيل خطته لإنهاء الحرب الطاحنة، والتي تهدد تطوراتها الحالية بتفجر صراع كوني يخيم عليه استخدام السلاح النووي.
ووفق تعهدات ترامب خلال حملته الانتخابية، فإن إنهاء الصراع الروسي الأوكراني سيكون بمثابة مطلب دبلوماسي كبير وملحّ، فور وصوله إلى البيت الأبيض في 20 يناير/ كانون الثاني، وقال عبر منصته بعد إعلان ترشيحه للجنرال كيلوغ، «معاً، سنحقق السلام من خلال القوة، ونجعل أمريكا والعالم آمناً مرة أخرى».
ـ تجميد الخطوط الأمامية ـ
ومن خلال ترشيح كيث كيلوغ، كمبعوث خاص له، فقد اختار ترامب أيضاً خطة محددة للغاية معلنة مسبقاً للقضية الشائكة، حيث الجنرال المتقاعد البالغ 80 عاماً في شهر إبريل/ نيسان الماضي خطته للسلام بشيء من التفصيل، ووصف هذه الحرب بأنها «أزمة يمكن تجنبها، والتي أدت، بسبب سياسات إدارة بايدن غير الكفؤة، إلى توريط أمريكا في حرب لا نهاية لها».
وقال إنه «باختصار، سيؤدي وقف إطلاق النار إلى تجميد الخطوط الأمامية، وسيضطر الطرفان إلى الجلوس إلى طاولة المفاوضات». ويقول كيلوغ، إن «نهج ترامب المعتدل تجاه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وليس شيطنته كما فعل بايدن، سيمكنه من التوصل إلى اتفاق».
ـ لا عضوية في الناتو ـ
ويكشف كيلوغ أن «عضوية أوكرانيا في حلف شمال الأطلسي، وهي في الحقيقة احتمال بعيد للغاية، والتي عُرضت مبدئياً على كييف في تضامن رمزي، ينبغي تعليقها إلى أجل غير مسمى، مقابل اتفاق سلام شامل وقابل للتحقق مع ضمانات أمنية». وقبل كل شيء، تقول الخطة إنه يجب أن تتبلور «سياسة أمريكية رسمية تسعى إلى وقف إطلاق النار والتوصل إلى تسوية عن طريق التفاوض».
وتشير الخطة إلى ضرورة استخدام المساعدات الأمريكية لأوكرانيا كورقة ضغط، على أن تكون هذه القروض مشروطة بتفاوض كييف مع موسكو، ومن ثم تقوم الولايات المتحدة بتسليح أوكرانيا إلى الحد الذي يمكنها فيه الدفاع عن نفسها ووقف أي تقدم روسي آخر قبل وبعد أي اتفاق سلام.
وبالتالي فإن المستوى المرتفع من المساعدات الأمريكية مؤخراً، والذي منح خلاله بايدن الإذن بضرب عمق الأراضي الروسية بصواريخ أتاكمز الأمريكية غير مريح لمبعوث ترامب.
وبعض الأفكار التي جاءت في خطة كيلوغ، تعود إلى مقترحات قدمها الخبيران ريتشارد هاس وتشارلز كوبشان عام 2023، ومن بينها «تجميد الخطوط الأمامية وفرض منطقة منزوعة السلاح. وفي مقابل الموافقة على ذلك، ستحصل روسيا على تخفيف محدود للعقوبات، يكتمل بالتوقيع على اتفاق سلام بموافقة أوكرانيا»، بحسب ما نشرت «سي إن إن».
وتؤكد الخطة أن من شأن فرض ضريبة على صادرات الطاقة الروسية أن يمول تكاليف إعادة إعمار أوكرانيا. ولن يُطلب من كييف أن تتخلى عن مسألة استعادة الأراضي، ولكنها ستوافق على السعي إلى تحقيق هذه الغاية من خلال الدبلوماسية وحدها. وهي تتقبل أن «هذا سيتطلب اختراقاً دبلوماسياً مستقبلياً وليس في ظل الأوضاع الراهنة».
ـ عراقيل الخطة ـ
ويرى مراقبون أنه رغم بساطة وسرعة الخطة، فإنها على ما يبدو تفتقر إلى التكيف مع ما ستطالب به روسيا. كما أن الكشف عن مخطط تجميد الخطوط الأمامية من شأنه أن يؤدي إلى تسريع العمليات الأكثر عنفاً، وهو ما بدأت ملامحه تظهر الأيام الماضية، حيث تسعى موسكو للسيطرة على أكبر قدر ممكن من الأرض قبل وصول ترامب للبيت الأبيض.
ومن المرجح أن تحتاج المنطقة منزوعة السلاح إلى مراقبة، وربما وضع قوات من دول عدم الانحياز، بين الجانبين. وسيكون من الصعب الحفاظ على ذلك بالنظر إلى الأوضاع المتوترة والمساحة الشاسعة التي ينبغي مراقبتها والتي تمتد لمئات الأميال من الحدود، وسيتطلب ذلك بالطبع استثماراً بشرياً ومالياً ضخماً.
كما أن تسليح أوكرانيا إلى الحد الذي يمكنها من إيقاف التقدم الروسي الحالي والمستقبلي سيكون أمراً صعباً أيضاً. حيث تكشف الإحصاءات أن الولايات المتحدة تصنع عدداً محدوداً من القذائف شهيراً، لا يمكنه سد حاجة أوكرانيا سوى لـ 48 ساعة فقط.
ولبّ الخطة، بحسب محللين يقوم على شيئين، أولهما أن حرب أوكرانيا تدور حول قيم غربية ليست هناك حاجة إلى إدامتها، وكذلك المخاوف من أن المصالح الاستراتيجية الحيوية لأمريكا على المحك، خصوصاً في ظل احتمال تورط القوات الأمريكية في حرب مع روسيا، وهو ما يمكن أن يتصاعد إلى صراع نووي.
ـ مكاسب وقتية ـ
ويرى كيلوغ أن الخطة تقدم لأوكرانيا فرصة جيدة لإنهاء الصراع، في وقت تخسر فيه على جميع الجبهات، وتعاني نقصاً حاداً في القوى البشرية للجيش، وهي عقبة قد لا تتغلب عليها أبداً، وبالتالي استمرار التفوق الروسي. أما بوتين، فسيعتبر تجميد الجبهات مكسباً بعد تحقيقه تقدماً كبيراً، وإن كانت كييف تحاول التمسك بمكاسبها في كورسك حتى تستخدمها كورقة مساومة تستبدل بها مناطق على الجبهة الشرقية.
ـ تفاعل ترامب مع الخطة ـ
ويقال إن ترامب استجاب بشكل إيجابي لخطة «أمريكا أولاً.. روسيا وأوكرانيا» التي قدمت له في إبريل والتي كتبها كيلوغ والمحلل السابق لوكالة المخابرات المركزية فريد فليتز، اللذين شغلا منصب رئيس الأركان في مجلس الأمن القومي خلال فترة ترامب الأولى من 2017 إلى 2021.
وتقترح الوثيقة وقف تسليم المزيد من الأسلحة الأمريكية إلى كييف إذا لم تدخل في محادثات سلام مع موسكو، في حين تحذر روسيا في الوقت نفسه من أنها إذا رفضت التفاوض، فإن الدعم الأمريكي لأوكرانيا سيزداد.
وأعرب نائب الرئيس المنتخب، جي دي فانس، عضو مجلس الشيوخ عن ولاية أوهايو، عن وجهات نظر مماثلة، قائلاً إن الدعم الأمريكي لأوكرانيا يشكل استنزافاً للموارد اللازمة لمواجهة التهديد الأمني الرئيسي مع الصين.
ويبدو أن خطة «كيلوغ ـ فليتز»، على الرغم من افتقارها إلى التفاصيل، فإنها تعكس نصيحة الجنرال مارك ميلي، كبير المستشارين العسكريين السابق لبايدن، الذي قال إنه «لا يمكن لروسيا ولا أوكرانيا الفوز في الصراع، ومن ثم فإن التسوية عن طريق التفاوض هي الطريق الوحيد للسلام».
ولدى سؤاله عما إذا كان يؤيد خطة كيلوغ، قال ترامب لشبكة إن بي سي نيوز: «أنا الوحيد الذي يمكنه إيقاف الحرب. كان ينبغي ألا يبدأ الأمر في المقام الأول».