«إنفيديا» بين طفرة الذكاء الاصطناعي والاستثمار في التكنولوجيا
إعداد: هشام مدخنة
الاتجاهات هي اتجاهات لأنها تأتي وتذهب، ولا شك أن عالم الاستثمار والأسواق ليس استثناءً. في عام 2020، كان الاتجاه السائد أو «الترند» هو العمل من المنزل. وفي عام 2021، كان إعادة الافتتاح العظيم للعالم بعد إغلاق كورونا.
وفي عام 2022، كان الأمر مرتبطاً بالعملات المشفرة والأصول الرقمية، وبعض القضايا البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات. أما في عام 2023، فالحديث الاستثماري العام كان يدور حول عمالقة التقنية. فماذا عن هذا العام؟ من الواضح أن الذكاء الاصطناعي، مع الشركة الرائدة عالمياً في هذا المجال «إنفيديا»، هو سيد الموقف.
فمن خلال إلقاء نظرة سريعة على الاهتمام والتغطية التي تتلقاها إنفيديا في الفترة التي تسبق أرباحها الفصلية، يتضح أن سهمها هو سهم العام 2024، حيث يضع المحللون والمستثمرون باستمرار توقعات خرافية حول نتائج الشركة المالية، ومدى الطلب على رقائقها التي تركز على الذكاء الاصطناعي، ولم يكن تقرير أرباحها الأخير استثناءً.
مكاسب ولكن!
من الواضح أن إنفيديا هي ملك الذكاء الاصطناعي، مع وجود عملاء كبار مثل مايكروسوفت، وغوغل، وأمازون، وغيرها من الشركات التي تشتري بنهم شديد منتجاتها من أشباه الموصلات والأجهزة لتعزيز عروضها التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي. ولكن عندما يتعلق الأمر بالاستثمار، فإن الأمر مرتبط إلى حد كبير بالإمكانات. وعلى الرغم من تجاوز إنفيديا لتوقعات أرباح الربع الثالث، وإصدار إرشادات أفضل من المتوقع، فقد تعثر سهمها مؤقتاً. وكان المستثمرون إما يجنون الأرباح من الاستثمارات السابقة في السهم، أو مستائين من حقيقة أن المكاسب، وهي زيادة بنسبة 94% في المبيعات خلال الفصل الأخير، ليست كما كانت من قبل.
وأعلنت إنفيديا سابقاً عن نمو بنسبة 122% في الربع الثاني، و262% في الربع الأول، و265% في الربع الرابع من عام 2023. ويزعم مؤيدو الذكاء الاصطناعي أن العالم في بداية الانتقال إلى المستوى التالي من الحوسبة، حيث تتم معالجة نماذج اللغة الكبيرة والخوارزميات بشكل أسرع وأعمق من أي وقت مضى. فيما يرى مؤيدو إنفيديا أن الشركة لا تزال تتفوق على منافسيها في توفير الرقائق والأجهزة اللازمة.
معضلة الجمارك
من ناحية أخرى، يشك بعض المحللين في قدرة عملاء إنفيديا، بما في ذلك ميتا، ومايكروسوفت، وغوغل، على استعادة المليارات التي ينفقونها على أجهزة الذكاء الاصطناعي. وبأن قدرة الشركة على مواكبة الطلب على شريحة «بلاكويل» المطلوبة بشدة تجعل بعض المحللين يفكرون في أسئلة حاسمة حول زيادة إنتاج بلاكويل وتركيز العملاء من المخاوف الرئيسية.
وهناك أيضاً حالة من عدم اليقين السياسي، نظراً لتهديد دونالد ترامب بفرض تعريفات جمركية شاملة على المنتجات من جميع أنحاء العالم، بما في ذلك الرقائق والمكونات المنتجة خارج الولايات المتحدة، وخاصة تلك المصنوعة في تايوان. فقد صرح ترامب أن الشركات مثل «تي إس إم سي» التايوانية العملاقة التي تنتج حالياً رقائق لشركة «إنفيديا» نفسها، وغيرها في تايوان، سيتم تحفيزها لبناء مصانع لإنتاج الرقائق في الولايات المتحدة لتجنب الاضطرار إلى دفع التعريفات الجمركية.
في الغالب، يبدو أن المستثمرين والمحللين أكثر استعداداً لمواصلة الرهان على إنفيديا حتى عام 2025. وحتى الآن هذا العام، ارتفع السهم بأكثر من 195%، كما أن التوقعات للربع القادم مرتفعة بالفعل. ومن المرجح أن تبلغ الإيرادات للربع المنتهي في يناير القادم 38 مليار دولار، صعوداً من 35 ملياراً في الربع الأخير.
بطبيعة الحال، الطلب أمرٌ لا ينتهي، وقد يأتي وقت يتفوق فيه تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي على تنفيذها. وحتى تلك اللحظة، من المرجح أن يعيد مستثمرو «وول ستريت» تقييم وتعديل توقعاتهم بشأن مبيعات وأرباح إنفيديا المستقبلية.
السؤال الأكبر هو ما إذا كان الذكاء الاصطناعي في حد ذاته سيحول الحوسبة على المدى الطويل أم أنه مجرد اتجاه استثماري آخر. بالمناسبة، هل يتذكر أحد مصطلح «البيانات الضخمة»؟