شنغهاي.. وجهة فريدة وبوابة «مصنع العالم»
شنغهاي – محمد ياسين:
شنغهاي، المدينة التي تمتزج فيها العراقة بالتطور، والتي تُعد من أهم المراكز الاقتصادية والسياحية في العالم، حيث تمتد على ضفاف نهر «هوانغبو»، وتطل على بحر الصين الشرقي، بفضل موقعها الاستراتيجي وتاريخها الغني في التجارة، أصبحت المدينة نقطة جذب عالمية للمستثمرين والسياح على حد سواء، حيث تجمع بين التراث الصيني العريق والحداثة العالمية، مما يجعلها وجهةً سياحيةً فريدةً ومركزاً اقتصادياً مزدهراً، يلعب دوراً رئيسياً في الاقتصاد الصيني والدولي.
مطار بودونغ
وصلت إلى مطار شنغهاي الدولي قادماً من دبي، على متن رحلة «طيران الإمارات»، في رحلة استغرقت حوالي 9 ساعات، وذلك ضمن دعوة صحفية قدمتها شركـــــة «تشيري» العالميـــــة للسيارات، لحضور قمة المستخدمين الدولية التي عقدت في مدينة «وهوو» الصينية، والتي تبعد حوالي 400 كيلومتر عن شنغهاي، حيث حضرت مع وفد إعلامي القمــــة، التي عرض خلالها آخر التقنيــات والابتكارات في صناعة الســـيارات بجميع فئاتها سواء التقليدية أو الكهربائية ذاتية القيادة، فضلاً عن الروبوتات من الجيل الخامس.
منذ اللحظة الأولى للوصول، يبهر مطار بودونغ الدولي الزوارَ بمساحته الواسعة وتصميمه الهندسي الحديث؛ الذي يُعد أحد أكبر المطارات في العالم، حيث يتميز بمرافقه التي تجمع بين الفخامة والابتكار.
يقع المطار على بعد 30 كيلومتراً شرق وسط شنغهاي، وهو من أكثر المطارات ازدحاماً في الصين، والذي يتميز بتصميمه الحديث وتجهيزاته المتطورة، ويستقبل رحلات من معظم أنحاء العالم، ويضم مبنيين رئيسيين للركاب، بالإضافة إلى خطوط نقل سريعة مثل قطار «الماغليف» المغناطيسي، الذي يربط المطار بمركز المدينة، خلال أقل من 10 دقائق، ويقدم المطار تجربة مريحة وراقية للمسافرين، حيث تتوفر فيه مراكز تسوق راقية ومناطق استراحة مجهزة بأحدث التقنيات، إلى جانب خدمة مميزة وسريعة لإنهاء إجراءات السفر والجوازات، مما يعكس الطابع العالمي لشنغهاي.
الأهمية الاقتصادية
تُعد شنغهاي واحدة من أبرز البوابات الاقتصادية التي تربط الصين بالعالم؛ فالمدينة تلعب دوراً محورياً في الاقتصاد الصيني والدولي، مما يجعلها مركزاً عالمياً للتجارة والاستثمار، ينظر إلى الصين على أنها «مصنع العالم»، وشنغهاي تمثل نقطة الانطلاق في هذا القطاع، بفضل بنيتها التحتية المتطورة والموانئ الضخمة، التي تعتبر من الأكثر ازدحاماً في العالم، ومع تطور الاقتصاد الصيني، أصبحت شنغهاي مركزاً حيوياً لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية، وهي تتربع على عرش الاقتصادات الآسيوية والعالمية.
تمتاز شنغهاي بموقع استراتيجي، جعلها نقطة انطلاق رئيسية للأعمال التجارية الدولية فالمدينة تضم مناطق اقتصادية خاصة، مثل منطقة شانغهاي للاقتصاد والعلم والتكنولوجيا، التي تستقطب الشركات الكبرى والمستثمرين الأجانب من جميع أنحاء العالم، وتجذب هذه المناطق الاستثمارات بشكل مستمر، مما يسهم في تعزيز مكانة شنغهاي على خارطة الاقتصاد العالمي.
زيارة شنغهاي
خلال إقامتي القصيرة في شنغهاي، لمدة يومين، كان من الواضح أن هذه المدينة النابضة بالحياة، تضم العديد من المعالم السياحية التي يصعب تغطيتها بالكامل في فترة قصيرة ومع ذلك، حاولنا زيارة العديد من الأماكن المميزة مثل منتزه ديزني لاند، حديقة يو التقليدية، و برج جن ماو، ولكن تلك الزيارة القصيرة، كانت كافية لتجعلني أدرك كيف أن شنغهاي مدينة غنية بالأماكن السياحية والأنشطة، التي يمكن أن تستقطب السياح من جميع أنحاء العالم، ومع ذلك، تبقى هناك العديد من المناطق، التي لم أتمكن من زيارتها بعد، مما يعكس التنوع الكبير الذي توفره المدينة بين الأبراج الشاهقة، وأبنيتها التي شيدت على الطراز الأوروبي القديم وشوارعها الواسعة.
الجذب السياحي
تُعد شنغهاي وجهة سياحية متكاملة، حيث يمكن للسياح الاستمتاع بزيارة أماكن مميزة مثل منتزه ديزني لاند الشهير، وحديقة يو التقليدية، وبرج جن ماو، فضلاً عن الأنشطة الترفيهية المتنوعة في أنحاء المدينة، توفر هذه المعالم تجارب متنوعة للزوار من جميع الأعمار، مما يعزز مكانة شنغهاي كوجهة سياحية عالمية. ومن أبرز المعالم السياحية الأخرى برج لؤلؤة الشرق، وهو من أبرز معالم المدينة ويتيح للزوار إطلالة بانورامية على شنغهاي من ارتفاع شاهق.
ترفيه شنغهاي
زرنا في اليوم الأول حديقة ديزني لاند شنغهاي، التي تم افتتحتها، عام 2016، كأول مدينة ترفيهية تابعة لشركة ديزني في البر الرئيسي للصين، وتعتبر الوجهة المفضلة لمحبي الخيال والمغامرة، تقع في منطقة بودونغ، وتوفر مساحة شاسعة، تتضمن سبع مناطق ترفيهية، مثل «جزيرة المغامرات» و«مدينة المستقبل»، إلى جانب القلعة الشهيرة، التي تُعد من أبرز معالم ديزني لاند.
ديزني لاند شنغهاي تتيح لزوارها تجارب متنوعة، تشمل العروض المسرحية الحية، والألعاب الحديثة مثل قطار الفضاء و«قراصنة الكاريبي»، بالإضافة إلى المسيرات الاحتفالية التي تشارك فيها شخصيات ديزني المحبوبة. وتُعد الألعاب التفاعلية والعروض الليلية المبهرة بالأضواء والألعاب النارية، من أبرز الفعاليات التي تمنح الزوار تجربة لا تنسى.
حديقة الحيوان
زرنا في اليوم الثاني حديقة حيوانات شنغهاي، التي شُيدت على مساحة شاسعة في منطقة هونغتشياو، وتُعد واحدة من أكبر حدائق الحيوانات في آسيا، حيث تضم أكثر من 6.000 حيوان من 600 نوع مختلف. وتُعد الحديقة وجهة محببة للعائلات، إذ توفر للزوار فرصة مشاهدة العديد من الحيوانات النادرة مثل الباندا العملاقة والنمور السيبيرية والقرود الذكية، إضافة إلى الطيور الملونة والتماسيح،
وتتميز الحديقة بتصميمها، الذي يحاكي البيئة الطبيعية للحيوانات، حيث يمكن للزوار التجول في مسارات محاطة بالخضرة والاستمتاع بأجواء الطبيعة، كما تقدم الحديقة جولات تعليمية للأطفال وأنشطة تفاعلية مثل إطعام الحيوانات.
شارع نانجينغ
قضينا الساعات الأخيرة، قبل مغادرة شنغهاي، التي تشتهر بمناطق التسوق الكثيرة، خاصة في شارع نانجينغ، الذي يُعد من أطول شوارع التسوق في العالم، يعرف هذا الشارع بمتاجره العالمية والراقية، وهو وجهة رئيسية لعشاق التسوق. يضم مجموعة من المحال التجارية الفاخرة التي تقدم علامات عالمية، مثل «رولكس»، التي تملك أكثر من 4 متاجر كبرى في ذات الشارع، و«شانيل»، بالإضافة إلى محال أخرى.
يتميز الشارع بتنوع المحال التجارية، التي تمتد على طول الشارع، مما يوفر تجربة تسوق ممتعة تجمع بين الطراز الحديث والشرقي، يضم الشارع مراكز تجارية ضخمة إلى جانب المتاجر الفردية، مما يجعله وجهة مثالية للباحثين عن الأزياء الراقية والتجارب الفاخرة، كما يحتوي على العديد من المطاعم والمقاهي.
فندق السلام
مع نهاية التجول في شارع نانجينغ، أبصرنا مبنى يقصده السياح من جنسيات مختلفة لالتقاط صور، مما أثار لديّ الرغبة في التعرف إلى هذا المبنى القديم الذي يتميز بالفخامة، وبالبحث تبين أنه فندق السلام، والذي يُعد من أبرز المعالم التاريخية في المدينة.
ويقع في قلب الحي التجاري النابض بالحياة، تم افتتاح فندق السلام عام 1929، وكان في حينه من أرقى وأفخم الفنادق في شنغهاي، حيث يعكس جزءاً من تاريخ المدينة العريق، خلال فترة الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي.
تميز الفندق بتصميمه المعماري الكلاسيكي، الذي يمزج بين الطراز الغربي العصري والتقاليد الصينية، مما جعل منه وجهة مفضلة للمسافرين من الطبقات الراقية والنخبة التجارية في تلك الفترة، وقد أصبح الفندق جزءاً لا يتجزأ من هوية شنغهاي الحديثة، حيث احتضن العديد من الشخصيات السياسية والاقتصادية البارزة طوال تاريخه.
فندق السلام لم يكن فقط مكاناً للإقامة، بل كان مركزاً ثقافياً وتجارياً، يربط بين الشرق والغرب في شنغهاي.