بيوت وأحياء

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
بيوت وأحياء, اليوم الأحد 14 أبريل 2024 12:12 صباحاً

المصدر:

التاريخ: 14 أبريل 2024

ت + ت - الحجم الطبيعي

على امتداد سنوات عمري الذي أمضيته في هذه الحياة حتى الآن، أتذكر تماماً أن عائلتي تنقلت بين عدة بيوت وعدة مناطق وأحياء، كانت المدينة تكبر وتتغير وأهلها يغيرون بيوتهم وعناوينهم كل عشرة أعوام أو أقل، وربما أكثر من ذلك في بعض الأحيان، جعلنا ذلك نعرف مدينتنا جيداً، ويكون لنا جيران وأصحاب ومعارف كثيرون في كل مكان، كان كل بيت نسكنه يمثل مرحلة مهمة في حياة الأسرة وحياتنا كأطفال ومراهقين وشباب، حتى وصلنا إلى الطرف القصي من المدينة، حيث لا وقت ولا مجال لانتقالات جديدة، لقد أغلقت المدينة قوسها واكتفينا من الانتقالات، أما المدينة فلن تكف عن التغيير، حيث كل شيء منذور لقدره.

الذين يعاصرون تبدلات مدينتهم يعرفونها أكثر من أي أحد آخر، يحفظون جغرافيتها ويتعلقون بكل مكان يكون لهم فيه مسكن وأصحاب وأحباب، لكنهم في الوقت نفسه يدفعون ثمن الانتقالات التي لا تتوقف، كما يدفعون ثمن تبدد الذاكرة وتمزق العلاقات وتشتتها، فالبيوت الكثيرة التي تنقلنا فيها احتفظ كل بيت منها بجزء من تاريخ العائلة والعلاقات والذكريات، لكن هذه البيوت لم تعد جميعها على قيد البقاء، هناك بيوت تلاشت بحكم تحولات المدينة، وعمليات الهدم والبناء، وتغير المناطق والأحياء!

بيتنا الأول الذي شهد ولادتي وطفولتي كان في فريج عيال ناصر، أحد أشهر وأقدم أحياء ديرة القديمة، لكنه ليس هو نفسه البيت الذي ولدت فيه أمي وعاش فيه جدي وجدتي، فكبار العائلة ولدوا وعاشوا الشطر الأكبر من حياتهم في فريج الراس، أول وأعرق أحياء ديرة، مبتدأ جملة المدينة، جملة التطور والبناء والتكوين الأولي لنواة مدينة دبي.

أما الحي الذي ولدت فيه فقد حملني هاجس الحنين إليه منذ سنوات بعيدة، فذهبت أبحث عن البيت القديم والأزقة، ومسجد الحي، والدكان، والسدرة العتيقة، وسيف البحر، ومنجرة خالي عبيد، لكنني لم أجد من كل ذلك سوى اسمه المكتوب باللون الأزرق على لوحة معدنية ملصقة على غرفة محول الكهرباء التابعة للحي، أما كل التفاصيل فليس لها أي أثر، لقد كانت كلها منقوشة في ذاكرتي.

Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App

أخبار ذات صلة

0 تعليق