رغم إلغاء الأحكام العرفية..رئيس كوريا الجنوبية يواجه العزل
سيؤول – رويترز
اقترح مشرّعون في كوريا الجنوبية، الأربعاء، مساءلة الرئيس يون سوك يول بهدف عزله، بعدما أعلن الأحكام العرفية في البلاد، قبل إلغاء القرار بعد ساعات، بسبب فوضى ومناوشات بين البرلمان والجيش أضرت بمكانة البلاد.
وكان إعلان يون للأحكام العرفية، الثلاثاء، محاولة لحظر النشاط السياسي وفرض رقابة على وسائل الإعلام في كوريا الجنوبية صاحبة رابع أكبر اقتصاد في آسيا وتعد حليفاً رئيسياً للولايات المتحدة.
وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، إن واشنطن لم تتلقّ إخطاراً مسبقاً بالقرار، مضيفاً أنه يتوقع التحدث مع نظيره الكوري الجنوبي في الأيام المقبلة. واقتحمت قوات مسلحة مبنى الجمعية الوطنية (البرلمان) في العاصمة سيؤول، لكنها تراجعت بعدما رشهم معاونون في البرلمان بطفايات الحريق. ورفض المشرعون قرار الأحكام العرفية، بينما اشتبك محتجون مع الشرطة في الخارج.
ونظمت جماعات مدنية وعمالية، الأربعاء، وقفة احتجاجية بالشموع في وسط العاصمة للمطالبة باستقالة يون، ثم توجهوا إلى المكتب الرئاسي.
وقدمت أحزاب معارضة مشروع قرار في البرلمان لمساءلة يون الذي واجه بالفعل اتهامات بالهيمنة على السلطة من معارضيه، ومن داخل حزبه، مع تحديد التصويت يوم الجمعة أو السبت.
وقال النائب عن الحزب الديمقراطي كيم يونج مين للصحفيين: «لا يمكننا تجاهل فرض الأحكام العرفية غير القانونية. لم يعد بإمكاننا السماح للديمقراطية بالانهيار». ودعا زعيم حزب (سلطة الشعب الحاكم) الذي ينتمي إليه يون إلى إقالة وزير الدفاع كيم يونج-هيون، واستقالة مجلس الوزراء بأكمله. وقالت وزارة الدفاع، إن كيم عرض الاستقالة.
وأثرت الأزمة في الأسواق المالية العالمية، ما أدى إلى انخفاض المؤشر القياسي في كوريا الجنوبية 1.4% لتتزايد خسائره منذ بداية العام إلى أكثر من سبعة في المئة، ويصبح أسوأ أسواق الأسهم الكبرى أداء في آسيا هذا العام.
* لا تهديدات معينة
قال الرئيس يون في خطاب بثه التلفزيون، إن الأحكام العرفية ضرورية للدفاع عن كوريا الجنوبية في مواجهة كوريا الشمالية المسلحة نووياً، والقوات المناهضة للدولة، وحماية نظامها الدستوري الحر رغم أنه لم يحدد تهديدات بعينها.
لكن في غضون ساعات من الإعلان، أقر البرلمان بحضور 190 من أعضائه البالغ عددهم 300، بالإجماع اقتراحاً يلغي الأحكام العرفية، كان من بين الموافقين على الاقتراح جميع الأعضاء الثمانية عشر الحاضرين من حزب يون. وألغى الرئيس الأحكام العرفية بعد نحو ست ساعات من إعلانها.
وهتف متظاهرون خارج الجمعية الوطنية مرددين:«فزنا!»، وصفقوا وقرعوا الطبول.
وقال مسؤول رئاسي: «هناك آراء مفادها أن فرض الأحكام العرفية الطارئة كان مبالغاً فيه، وأننا لم نتبع إجراءات الأحكام العرفية الطارئة، لكن ذلك تم بصرامة في الإطار الدستوري».
ولم يصدر أي رد فعل من كوريا الشمالية على ما حدث في الجنوب. وكان يون قريباً من زعماء الدول الغربية باعتباره شريكاً في الجهود التي تقودها الولايات المتحدة لحشد الأنظمة الديمقراطية في مواجهة السلطوية المتنامية في دول أخرى. لكنه تسبب في إثارة قلق مواطنيه عندما وصف منتقديه بأنهم «قوى شيوعية شمولية ومعادية للدولة» وسط تراجع شعبيته.
ويمكن للجمعية الوطنية عزل الرئيس، إذا صوّت أكثر من ثلثي المشرّعين لصالح ذلك. ثم تعقد المحكمة الدستورية جلسة، والتي يمكن أن تصدق على القرار بتصويت ستة من القضاة التسعة.
ويسيطر حزب يون على 108 مقاعد في الهيئة التشريعية المكونة من 300 عضو.
* تجنب كارثة
إذا تنحى يون أو أُقيل، فإن رئيس الوزراء هان داك-سو سيتولى منصب الرئيس، لحين إجراء انتخابات جديدة في غضون 60 يوماً.
وقال دانيال روسيل، نائب رئيس معهد أبحاث السياسات التابع لجمعية آسيا في الولايات المتحدة، تعليقاً على إعلان الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية الذي يحدث لأول مرة منذ عام 1980 «نجت كوريا الجنوبية من كارثة، لكن الرئيس يون ربما يكون أوقع نفسه في مأزق».
وقال بلينكن، إنه يرحب بقرار يون إلغاء إعلان الأحكام العرفية. وأضاف في بيان: «نستمر في توقع حل الخلافات السياسية سلمياً ووفق سيادة القانون».
وهناك نحو 28500 جندي أمريكي في كوريا الجنوبية، من بعد الحرب الكورية التي دارت بين 1950 و1953.
وقال وزير الخارجية الصيني وانغ يي للصحفيين، إن الوضع السياسي في كوريا الجنوبية هو «شأن داخلي» للبلاد.
وقالت روسيا، إنها تتابع الأحداث «المأساوية» في كوريا الجنوبية بقلق. وأُعلنت الأحكام العرفية أكثر من 12 مرة منذ تأسيس كوريا الجنوبية كجمهورية في عام 1948. وفي عام 1980، أجبرت مجموعة من ضباط الجيش الرئيس آنذاك تشوي كيو هاه على إعلان الأحكام العرفية لسحق الدعوات لاستعادة الحكومة الديمقراطية.