التضخّم يحدّ من حماسة الأمريكيين لعروض «بلاك فرايداي»
ينتظر الأمريكيون بفارغ الصبر يوم التسوّق الشهير «الجمعة السوداء» (بلاك فرايداي) الذي يصادف مباشرة بعد عيد الشكر، لكن يُتوقَّع هذه السنة أن يكونوا أكثر تريّثاً في إنفاق أموالهم بسبب التضخّم الذي أثّر في قدرتهم الشرائية.
ويقول المحلل لدى شركة «أدوبي ديجيتال إنسايتس» فيفيك بانديا: «إنّ المستهلكين باتوا أكثر اهتماماً وتركيزاً على الأسعار والحسوم مما كانوا عليه في السنوات السابقة».
فقدرتهم الشرائية تراجعت بفعل التضخم الذي شهدته البلاد مباشرة بعد جائحة كوفيد-19 قبل أن يشهد فرملة بطيئة.
وحتى لو عاد معدل التضخم إلى مستوى مقبول، فلن تعاود الأسعار الانخفاض، وهي راهناً أعلى بنسبة تزيد على 20% في المتوسط عما كانت عليه في يناير 2020.
فالمستهلكون باتوا يبحثون عن العروض الجيدة. وخلال السنوات الأخيرة، بدأت بعض الشركات منها «تارغت» تطرح عروضها الترويجية الخاص بـ«الجمعة السوداء» بدءاً من أكتوبر.
ويقول بانديا: «نلاحظ أنّ المستهلكين أصبحوا يولون أهمية كبرى للسعر، ويستجيبون بشكل كبير للعروض الترويجية أو المتعلقة بالمناسبات».
ويشكل «بلاك فرايداي» الذي يلي يوم الخميس الذي يُحتفل فيه بعيد الشكر، انطلاقة لموسم التسوق الخاص بأعياد نهاية السنة في الولايات المتحدة.
ويمثل افتتاحاً لعطلة نهاية أسبوع طويلة من العروض الترويجية، مع «سمول بيزنيس ساترداي» و«سايبر مانداي».
ميزانية محدودة
يُعدّ استياء الأسر الأمريكية من التضخم أحد أسباب فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية التي أجريت في الخامس من نوفمبر.
وتعيّن على تجار التجزئة التكيف مع هذا الغضب.
وتنظم شركة «تارغت» أسبوعاً من العروض الترويجية كل ثلاثة أشهر، ما يجذب عدداً كبيراً من المستهلكين. وأوضح مديرو المجموعة أنّ المشتريات تكون أكثر انخفاضاً في الأسبوع الذي يسبق ذلك الذي يلي هذه العروض.
وفي مطلع الشهر، قال الرئيس التنفيذي لـ«تارغت» براين كورنيل للمحللين، بعد فترة طويلة من التضخم: «يقول لنا المستهلكون إنّ ميزانياتهم لا تزال محدودة».
ويضيف: «باتوا أكثر ابتكاراً في سلوكهم الشرائي؛ إذ ينتظرون حتى آخر لحظة للشراء، ويركزون على العروض الجيدة ويخزّنون السلع عندما يجدونها».
لكنّ أسعار البنزين انخفضت، وكذلك أسعار بعض المنتجات الغذائية، بحسب خبراء اقتصاديين يعتبرون ذلك بمثابة عوامل تسهم في تحسين ميزانيات الأسر.
ويتوقع الاتحاد الوطني للبيع بالتجزئة (NRF) نمواً في الإنفاق خلال نهاية العام بنسبة تراوح بين 2.5 و5% مقارنة بالعام الفائت، ليصل إلى 989 مليار دولار خلال شهرين.
مبيعات أكثر تنافسية عبر الإنترنت
وفي حين كانت الأسر ذات الدخل الأدنى هي الأكثر تضرراً من التضخم، يبدو أنّ الوضع يتغير.
وقال مايكل أوسوليفان، الرئيس التنفيذي لمتاجر الملابس ذات الأسعار المنخفضة «بيرلينغتون ستورز»، خلال مؤتمر عبر الهاتف هذا الأسبوع «للمرة الأولى منذ عام 2021 حين بدأ التضخم في الارتفاع، عاود دخلهم الفعلي الارتفاع أخيراً».
وأشار إلى أن قسماً من أهم المبيعات سُجّل في المتاجر الواقعة في مناطق يقطنها سكان من ذوي الدخل المنخفض.
وأضاف: «على مدار هذا العام، لاحظنا أنّ إنفاق هؤلاء المستهلكين زاد مع استقرار مداخيلهم الفعلية ومعاودتها الارتفاع».
وبدأ موسم الأعياد بقوة على صعيد المبيعات عبر الإنترنت؛ إذ حققت ارتفاعاً بنسبة 9.6% خلال أول 24 يوماً من الموسم، بينما كانت التوقعات تشير إلى نمو بـ8.4% فقط خلال الموسم بأكمله، على ما أفادت «أدوبي ديجيتال إنسايتس» الأربعاء.
ويمكن تفسير ذلك بأنّ موسم الأعياد بدأ متأخراً هذا العام؛ إذ وقع عيد الشكر في نهاية نوفمبر. لكنّ الأهم من ذلك، هو أنّ هذه النتيجة تعكس قدرة العناصر التنافسية للمنتجات عبر الإنترنت في خفض الأسعار، بحسب بانديا.
ويبقى معدل التضخم لكل السلع الاستهلاكية أعلى من 2%، لكن تقديرات شركة «أدوبي» تشير إلى أن أسعار السلع المباعة عبر الإنترنت انخفضت بنسبة 2,9% على أساس سنوي في أكتوبر. (أ ف ب)