الإمارات في طليعة المستثمرين بالتقنية وتحجز مقعداً بين الكبار
دبي: حمدي سعد
تحتل دولة الإمارات الصدارة أوسطياً في الاستثمارات بقطاعات تقنية حيوية، تمثل مستقبل العديد من الصناعات المستقبلية القائمة على شبكات الاتصالات المتطورة والذكاء الاصطناعي والبيانات الكبيرة، وفقاً لمسؤولي شركات وخبراء ل«الخليج».
وسارعت الإمارات، منذ عقود، لدخول السباق مع دول العالم المتقدم تقنياً، في سياق التحول نحو الاقتصاد المعرفي القائم على تقنية المعلومات، وبتوفير كل مقومات استقطاب الاستثمارات التقنية عبر التشريعات العصرية وشبكات الاتصالات الحديثة.
وأكد الخبراء أن الإمارات تسابق الزمن لتعظيم استفادة كافة القطاعات الحكومية والخاصة من المجالات التقنية، التي تسهم في تحسين الخدمات وجودة الحياة للسكان والزوار، على مدار الساعة، مع تعزيز الكفاءة التشغيلية والجودة في جميع القطاعات.
طموحات
يرى توماس براموتيدهام، الرئيس التنفيذي لشركة «بريسايت»، أن دولة الإمارات تحتل مكانة الريادة في ما يتعلق بتطورات الذكاء الاصطناعي، سواء من حيث الابتكار التقني أو قيادة السياسات والتعاون الدولي.
ونشهد بالفعل وصول الطموحات الإماراتية في مجال الذكاء الاصطناعي إلى مكانة عالمية، من خلال شراكتها مع أكبر الأسماء المؤثرة، والمشاركة في مناقشات صانعي السياسات العالمية حول هذا القطاع.
وشهدت أبوظبي إعلان مجموعة «جي 42» عن إطلاق «مختبر أبحاث الذكاء الاصطناعي من أجل الخير»، بالشراكة مع «مايكروسوفت»، لتعزيز الأمن الغذائي والتكيف مع المناخ، بالإضافة إلى التعاون مع شركة «نفيديا» العالمية للاستفادة من الذكاء الاصطناعي في تحسين التنبؤ بالطقس.
وتخطط «مايكروسوفت»، بشكل منفصل، لإنشاء مركز جديد في أبوظبي للهندسة في مجال الذكاء الاصطناعي والسحابة والأمن السيبراني، وهو الأول لها في العالم العربي، ما يؤكد على مكانة دولة الإمارات الرائدة على مستوى العالم كمركز عالمي للابتكار التكنولوجي والمواهب.
ونشهد الآن سوقاً حقيقية ناضجة في هذا المجال، حيث يعقد الشركاء الدوليون تحالفات مع المنظمات الإماراتية، على مستويات متعددة، وتتجه الهيئات والشركات الإماراتية بطموحاتها على هذا الصعيد نحو العالمية.
وأضاف براموتيدهام: تستفيد دولة الإمارات من برامج التكنولوجيا العامة الطموحة، والتنسيق بين المؤسسات المختلفة، والتي أتاحت وجود ثروة من الفرص لرقمنة الخدمات في قطاعات السلامة العامة وشؤون المواطنين والتخطيط الحضري والطاقة. يوفر الذكاء الاصطناعي فرصة فريدة لزيادة الكفاءة، مع تحقيق أهداف إزالة الكربون وخفض الانبعاثات.
تطوير البنية
أكد إرتوغ أيك، نائب الرئيس والمدير العام لمنطقة الشرق الأوسط وأفريقيا في شركة «إتش بي» أنه تتوقع دراسات السوق الصادرة عن مؤسسة «موردو إنتليجانس» أن تبلغ قيمة قطاع التكنولوجيا في دولة الإمارات نحو 47.36 مليار دولار، عام 2024، ومن المتوقع أيضاً أن تصل إلى 77.28 مليار دولار، بحلول عام 2029، بمعدّل نموّ سنوي مركب قدره 10.29%، خلال الفترة نفسها (2024-2029).
ويعود الارتفاع في القيمة السوقية لهذا القطاع، إلى تركيز الدولة القويّ على التحوّل الرقمي ودمج الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية، وتطوير البنية التحتية لشبكة الجيل الخامس.
وقال أيك: يُمثل دمج الذكاء الاصطناعي في جميع أدوات التكنولوجيا، التوجّه السائد الملحوظ عالمياً، وعلى مستوى قطاع التكنولوجيا في دولة الإمارات، وجد الذكاء الاصطناعي طريقه إلى جميع القطاعات، بدءاً من الأمن السيبراني وحتى الألعاب الإلكترونية.
وتابع أيك: بالنسبة لشركة «إتش بي»، يعتبر قطاع الألعاب الإلكترونية أحد القطاعات الرئيسية، حيث تشهد دولة الإمارات زيادة في انتشار هذه الألعاب عبر الإنترنت، مع توقعات بتحقيق عائدات تصل إلى 50.60 مليون دولار هذا العام.
قوة البيانات
قال كريم عازار، نائب الرئيس الإقليمي في «كلاوديرا»: يبرز الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات في دولة الإمارات كقوتين رئيسيتين تقودان النمو المستقبلي في الدولة، التي تعمل على توفير البنية التحتية وتدريب الكفاءات، وهما العاملان الحيويان للتغلب على تحدي الاستفادة الكاملة من ثورة البيانات، وتحقيق أقصى استفادة من التحول الرقمي.
وأضاف عازار: يشكل الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات العمود الفقري للتحول الرقمي في دولة الإمارات، حيث لم تَعد هذه التقنيات مجرد خيار، بل أصبحت ضرورة ملحة، لضمان النمو المستدام والازدهار في المستقبل.
الاتصالات والنمو
قالت فدا كبّي، نائب الرئيس ورئيس الاتصالات المؤسسية في «إريكسون» الشرق الأوسط وإفريقيا: تشهد دولة الإمارات تحولاً كبيراً باتجاه تعزيز الاتصال والأتمتة والتحول الرقمي، حيث واصل قطاع الاتصالات، خلال 2024، تبني شبكة الجيل الخامس بوصفها عاملاً رئيسياً لبناء مجتمع أكثر ترابطاً، وتسريع الابتكارات في مجال حلول المدن الذكية والثورة الصناعية الرابعة وإنترنت الأشياء.
وأضافت كبّي: أدى التبني السريع لشبكات الجيل الخامس، إلى تعزيز النمو عبر قطاعات مثل: الرعاية الصحية والتعليم والخدمات اللوجستية والتصنيع، حيث نشهد زخماً لافتاً لبعض حالات الاستخدام، التي تستند إلى شبكة الجيل الخامس، مثل العمليات المستقلة ذاتية التشغيل، والتشخيصات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي، والأجهزة المتصلة، بالإضافة إلى ذلك، كما أصبح التركيز على الاستدامة أكثر وضوحًا من أي وقت مضى.
وأوضحت كبّي، أن الدور المتنامي للذكاء الاصطناعي في تحسين أداء الشبكة، وتقليل استهلاك الطاقة يعزز مكانة دولة الإمارات كدولة رائدة في مجال الابتكار التكنولوجي في المنطقة، وفي إطار مضي الدولة قدماً نحو التحول الرقمي، ظهرت العديد من المنتجات والخدمات المتطورة، بما في ذلك أدوات الأتمتة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي، وتطبيقات إنترنت الأشياء المتقدمة للمنازل الذكية والصناعات، وكان لهذه الابتكارات تأثير تحويلي على مختلف القطاعات.
المركبات الذاتية
يشير محمد المصلح، أستاذ مساعد في كلية الهندسة والعلوم الفيزيائية بجامعة هيريوت وات دبى، إلى أن دولة الإمارات برزت أوسطياً في مجال تقني حيوي، وهو اعتماد تكنولوجيا المركبات ذاتية القيادة، مدفوعة بالمبادرات الحكومية، والاستثمارات في البنية التحتية، والمدن الذكية.
وأوضح أن الدولة أطلقت بالفعل مشاريع تجريبية، مثل سيارات الأجرة ذاتية القيادة في دبي والحافلات ذاتية القيادة في الحرم الجامعي، وتشمل الاتجاهات الرئيسية دمج المركبات الذاتية القيادة في أنظمة النقل العام، حيث تهدف دبي إلى أن تكون 25% من جميع الرحلات ذاتية القيادة، بحلول عام 2030.
وتعمل الاستثمارات في شبكات الجيل الخامس والبنية التحتية الذكية على تعزيز قدرة دولة الإمارات على إدارة المركبات الذاتية القيادة.
وقال المصلح: وفقاً لتقرير صادر عن «ستاتستا»، من المتوقع أن تتضاعف مبيعات سيارات الركاب، بما في ذلك السيارات ذاتية القيادة، والكهربائية، واتصال المركبات، والتنقل المشترك في دولة الإمارات، بين عامي 2021 و2026، إلى أكثر من 500 مليون سيارة.
وتابع: يشهد قطاع المركبات ذاتية القيادة في دولة الإمارات نمواً سريعاً، وهذا يشمل سيارات الأجرة والحافلات ذاتية القيادة، بالشراكة مع شركات مثل تيسلا وكروز وتكساي.
وأكد المصلح أن استثمار دولة الإمارات في الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا الجيل الخامس، يُعد أمراً بالغ الأهمية لنجاح الأنظمة الذاتية، وتوفير شبكات معالجة البيانات والاتصالات اللازمة، وسوف يتم الاستعانة بالمركبات ذاتية القيادة في مختلف القطاعات الحكومية والخاصة، وفي قطاع الخدمات اللوجستية والشحن، تستخدم لتبسيط حركة البضائع، وتقليل تكاليف التسليم، وتحسين كفاءة سلسلة التوريد وفي التجارة الإلكترونية وخدمات التوصيل وفي الزراعة وفي الصناعات.