خطة الألف صفحة.. وثيقة مسربة تكشف استعدادات أوروبا للحرب العالمية الثالثة
إعداد ـ محمد كمال
تسريبات من وثيقة سرية مكونة من ألف صفحة، تكشف أن أوروبا تأخذ تحذيرات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على محمل الجد، حيث أشارت إلى قيام ألمانيا بإعداد «خطة عمليات» في حال اندلاع حرب مع روسيا، بينما أصدرت دول أوروبية أخرى كتيبات حرب للمدنيين، بعد التطورات الكبيرة في الحرب الأوكرانية، بإطلاق صواريخ غربية بعيدة المدى، ورد موسكو بصواريخ باليستية فرط صوتية قادرة على حمل رؤوس نووية.
وبعد يوم من كشف تقارير غربية أن ألمانيا ستتحول إلى نقطة انطلاق لحلف شمال الأطلسي، إذا اتسعت رقعة الصراع الراهن، فقد قالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك أن بلادها «لن تُرهب» بتصريحات الحرب العالمية الثالثة، وقرار بويتن بتوسيع احتمالات اللجوء إلى ورقة الردع النووي.
ووفقاً للوثيقة المسربة، التي ظهرت لأول مرة في صحيفة «فرانكفورتر ألجماينه تسايتونج»، والتي حملت عنوان: «خطة العمليات»، فإنه يمكن لألمانيا استضافة مئات الآلاف من قوات دول الناتو وستكون بمكانة مركز لوجستي لإرسال كميات ضخمة من المعدات العسكرية والأغذية والأدوية نحو الجبهة.
وكان تقرير لصحيفة دير شبيجل قد ذكر قبل فترة أن ما يصل إلى 800 ألف جندي من دول الناتو يمكن أن تستضيفهم ألمانيا أثناء انتقالهم إلى مواقعهم في الشرق، في إشارة إلى الجبهة الروسية.
كما كشفت الوثيقة أن الجيش الألماني قام أيضاً بإرشاد الشركات والمدنيين حول كيفية حماية البنية التحتية الرئيسية والتعبئة للدفاع الوطني، متصوراً وضعاً تقوم فيه روسيا بتوسيع هجمات الطائرات بدون طيار وعمليات التجسس والهجمات التخريبية في جميع أنحاء أوروبا.
وتم بالفعل تقديم النصح للشركات على الأراضي الألمانية بوضع خطط للأزمات، توضح بالتفصيل مسؤوليات الموظفين أثناء حالات الطوارئ، والتي تشمل توجيهها لتخزين مولدات الديزل أو تركيب توربينات الرياح، لضمان استقلال الطاقة.
ووفقاً للخطة الألمانية، تدرج جميع مرافق البنية التحتية التي تستحق حماية خاصة، وتحتوي أيضاً على إجراءات للدفاع أو «تدابير لردع روسيا على الجانب الشرقي لحلف شمال الأطلسي».
وعلى مدار العام، أكد المسؤولون العسكريون الألمان مراراً وتكراراً ضرورة الاستعداد لصراع عسكري مع روسيا، وعلى وجه الخصوص، صرح وزير الدفاع بوريس بيستوريوس بذلك في عدة مناسبات.
وفي يوليو/تموز، ذكرت صحيفة بيلد أن الجيش الألماني قد وضع خطة سرية تحدد ترتيب العمل العسكري والمدني في حالة الحاجة إلى نقل قوات الناتو إلى الجناح الشرقي للحلف.
ـ تدريب إلزامي للمدنيين ـ
ووفقاً للتقرير، فقد شهدت غرفة تجارة هامبورغ أول إشارة فعلية، حيث قدم اللفتنانت كولونيل يورن بليشكي نصيحة ملموسة للشركات، قائلاً: «من بين كل مئة موظف، قم بتدريب ما لا يقل عن خمسة سائقي شاحنات إضافيين لا تحتاج إليهم». والسبب في هذا الإجراء هو أن «70% من الشاحنات التي تسير على طرقات ألمانيا يقودها مواطنون من أوروبا الشرقية، وبالطبع إذا اندلعت حرب هناك فقد يغادرون على الفور.
وقال الجيش الألماني لصحيفة «فرانكفورتر ألجماينه تسايتونج» إن «جميع قيادات الدولة مكلفة بالتنفيذ». ويؤيد مالتي هاين، المدير العام لغرفة التجارة، هذا النهج. وقال: «نحن بحاجة إلى زيادة الوعي بمدى أهمية الاقتصاد الجيد والمرن للدفاع المدني والعسكري في ألمانيا».
كما أشارت الوثيقة إلى أن برلين كانت تجهز طريقة لنقل 200 ألف مركبة عسكرية عبر الأراضي الألمانية إذا قرر الحلف توحيد جهوده مع أوكرانيا.
ـ فنلندا وجارتاها ـ
وذكَّرت فنلندا مواطنيها «بواجب الدفاع الوطني» وأطلقت مؤخراً موقعاً معلوماتياً جديداً، بينما وضعت السويد دليلاً مفصلاً حول كيفية البحث عن مأوى وما يجب فعله في حالة وقوع هجوم نووي.
ومن بين ما جاء في كتيبات التعليمات الخاصة بالحرب عن جارتي فنلندا في منطقة البلطيق، النرويج والدنمارك، وضع قوائم مرجعية للإمدادات الغذائية والأدوية التي يجب أن يكون السكان جاهزين لها.
ـ مناورات الناتو ـ
وتأتي استعدادات ألمانيا في أعقاب تدريبات للناتو شملت إرسال منشورات ورسائل بريد إلكتروني إلى ملايين المنازل، تتضمن نصائح حول البحث عن مأوى وتخزين الإمدادات والتدريب العسكري الأولي.
رئيس اللجنة العسكرية في حلف’الناتو’ روب باور أعلن مؤخراً أن الحلف مستعد لصراع محتمل مع روسيا، حيث قال في مقابلة مع صحيفة وزارة الدفاع الأوكرانية ArmyInform:»هل نحن مستعدون؟ الجواب هو نعم! هذه هي مهمتنا الرئيسية، أن نكون جاهزين.
وفي هذه الأثناء، يجري حلف شمال الأطلسي أكبر مناورة مدفعية له على الإطلاق على بعد 70 ميلاً فقط من الحدود، حيث يختبر الجيش البريطاني ما وصفه القادة العسكريون بأنه سلاح «يغير قواعد اللعبة»، في إشارة إلى نظام مدفعية آرتشر. وتستضيف فنلندا، التي انضمت إلى التحالف العسكري العام الماضي، ما يصل إلى 3600 جندي من 28 دولة للمشاركة في التدريبات.
وبدأت التدريبات بالذخيرة الحية في منطقة لابلاند الشمالية، وهي جزء من سلسلة من التدريبات، ومن المقرر إجراء المزيد منها في إستونيا وألمانيا ورومانيا وبولندا.
يستغل الجيش البريطاني الفرصة لاختبار مدافع آرتشر عيار 155 ملم، ويمكنه إطلاق قذائف شديدة الانفجار أو ذخائر موجهة بنظام تحديد المواقع العالمي (GPS) وضرب أهداف على بعد 30 ميلاً. وقد وصفت القوات البريطانية هذا السلاح بأنها سيغير قواعد اللعبة في ساحة المعركة.
ـ تعزيزات أمريكية ـ
في الوقت نفسه، من المقرر أن تزود الولايات المتحدة الجيش الأوكراني بشحنات من الألغام الأرضية لإبطاء تقدم القوات البرية الروسية، بينما يقوم الجيش الروسي بالفعل بتدمير الخطوط الدفاعية الأوكرانية في دونيتسك.
ويشير توفير الولايات المتحدة لأنظمة ATACMS لأوكرانيا لتوجيه ضربات في روسيا إلى جانب شحنات الألغام المضادة للأفراد إلى أن إدارة جو بايدن تسعى جاهدة لترك أوكرانيا في أفضل وضع ممكن قبل عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.
وهناك مخاوف متزايدة من أن ترامب قد يدفع من أجل وقف سريع لإطلاق النار يتطلب من أوكرانيا التنازل عن أجزاء كبيرة من أراضيها، وهو احتمال يترك الجانبين يتقاتلان من أجل الاستيلاء على أكبر قدر ممكن من الأراضي لتعزيز موقفهما قبل المفاوضات.
ـ الرد الروسي ـ
وفي تعليقها على تصريحات وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك في يوليو/تموز والتي قالت فيها إن روسيا تشكل أكبر تهديد للأمن في أوروبا، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا إن هذا ليس سوى «هراء وحشي».
وأعربت عن أملها في أن يدرك السياسيون في ألمانيا أخيراً الطريق المسدود والنتائج العكسية لخطهم المناهض لروسيا وخطره على بلادهم.
وبعد أول استخدام لصاروخ باليستي فرط صوتي قادر على حمل رؤوس نووية، في المعارك ضد أوكرانيا، قال الكرملين إنه «على ثقة» من أن الولايات المتحدة «فهمت» رسالة الرئيس فلاديمير بوتين.
في كلمته التي بثها التلفزيون الروسي، قال بوتين إن النزاع في أوكرانيا اتخذ الآن «طابعاً عالمياً»، محذراً الغربيين من أن روسيا «مستعدة لكل السيناريوهات». وقال أيضاً إن موسكو تحتفظ بالحق في ضرب الدول الغربية التي تسمح لأوكرانيا باستخدام أسلحتها لضرب الأراضي الروسية.
واتهمت موسكو كييف بمهاجمتها مرتين هذا الأسبوع بصواريخ غربية استهدفت الأراضي الروسية وهو ما تعبره روسيا خطاً أحمر، والتي قد تدافع عنها عن طريق الردع النووي بعد تحديث عقيدتها في هذا المجال.