أخبار العالم

«نشطاء لدعم هاريس».. تفاصيل أزمة ترامب وحزب العمال البريطاني

إعداد: محمد كمال

تثير الشكوى الرسمية التي تقدم بها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى لجنة الانتخابات الفيدرالية، جدلاً حول تدخل حزب العمال البريطاني في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، فيما يقول عدد من الجمهوريين إن نشطاء تم إرسالهم إلى الولايات المتحدة لتقديم مساهمات إلى حملة المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، وهو ما دفع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر إلى الخروج بتصريحات تنفي تضرر العلاقات مع ترامب، مبرراً أن نشطاء الحزب ذهبوا طواعية، كما أنهم يفعلون ذلك في «أوقات فراغهم».
حملة المرشح الجمهوري ترامب خرجت بشكل مفاجئ للإعلان عن التقدم بشكوى اتحادية، متهمة حزب العمال البريطاني بتقديم «مساهمات غير قانونية» في الحملة الانتخابية الأمريكية، معتبرة ذلك نوعاً من التدخل الأجنبي السافر، كما وصفت حملة ترامب في بيان الحزب البريطاني بأنه حزب «يساري متطرف ألهم سياسات وخطابات كامالا الليبرالية الخطيرة».
ويأتي ذلك بعد أن نظم حزب العمال رحلة الأسبوع الماضي لما يقرب من 100 ناشط للقيام بحملة لصالح هاريس في العديد من الولايات الأمريكية الحاسمة التي تمثل ساحة معركة.
وظهرت المشكلة إلى العلن بعد أن قامت رئيسة العمليات في حزب العمال البريطاني، صوفيا باتيل، بالإعلان عبر تطبيق «لينكد إن» عن توفر «10 أماكن شاغرة» لمن يرغب في التوجه إلى ولاية نورث كارولينا للمشاركة في حملة الحزب الديمقراطي، لكنها سرعان ما حذفت منشورها.
وفي تلميح إلى إعلان الاستقلال الأمريكي التاريخي عن الإمبراطورية البريطانية في 4 يوليو عام 1776، تقول سوزي ويلز، مديرة حملة ترامب: «في غضون أسبوعين، سيرفض الأمريكيون مرة أخرى قمع الحكومة الكبيرة (بريطانيا) الذي رفضناه في عام 1776».
وتضيف سوزي ويلز أن «حملة هاريس – والز المتعثرة تسعى إلى الحصول على نفوذ أجنبي لتعزيز رسالتها المتطرفة، لأنها تعرف أنها لا تستطيع كسب الشعب الأمريكي»، وأضافت: «سيعيد ترامب القوة إلى البيت الأبيض ويضع أمريكا وشعبنا في المقام الأول. إن قبول حملة هاريس واستخدامها لهذه المساعدة الأجنبية غير القانونية هو مجرد محاولة ضعيفة أخرى في سلسلة طويلة من التدخل المناهض لأمريكا في الانتخابات».

ـ ستارمر وأوقات الفراغ ـ
ورداً على سؤال عما إذا كان هذا خطأ، أصر رئيس الوزراء البريطاني ستارمر على أن أي أعضاء من حزبه كانوا في الولايات المتحدة على أساس طوعي تماماً، على غرار الانتخابات السابقة. وعلى متن طائرة متوجهة إلى ساموا لحضور اجتماع لزعماء الكومنولث، قال ستارمر للصحفيين: «إن حزب العمال لديه متطوعون، وقد قاموا بمراجعة كل الانتخابات تقريباً».
وفي محاولة للدفاع عن نشطاء حزب العمال قال ستارمر «إنهم يفعلون ذلك في أوقات فراغهم، إنهم يفعلون ذلك كمتطوعين، وأعتقد أنهم يقيمون مع متطوعين آخرين هناك.. وهذا ما فعلوه في الانتخابات السابقة، وهذا ما يفعلونه في هذه الانتخابات وهذا أمر واضح ومباشر حقاً».
كما نفى ستار أيضاً أن يؤدي الخلاف إلى الإضرار بالعلاقات مع ترامب، وقال: «قضيت بعض الوقت في نيويورك مع الرئيس ترامب، وتناولت العشاء معه، وكان هدفي من القيام بذلك هو التأكد من أننا أنشأنا علاقة جيدة بيننا، وهو ما فعلناه»، ويستطرد: «نحن ممتنون له لأنه خصص الوقت لهذا العشاء. لقد أجرينا مناقشة جيدة وبناءة».
وأضاف: «بالطبع، كرئيس لوزراء المملكة المتحدة، سأعمل مع أي شخص يختاره الشعب الأمريكي كرئيس له في انتخاباته التي أصبحت متقاربة للغاية الآن».

ـ ناشطون في الولايات المتأرجحة ـ
وعلى مدى الأسبوعين المقبلين قبل الانتخابات الرئاسية، كان من المفترض أن يستهدف نشطاء حزب العمال البريطاني ولايات نيفادا ونورث كارولينا وبنسلفانيا وفيرجينيا، والتي يُنظر إليها جميعاً على أنها حاسمة في طريق هاريس إلى البيت الأبيض، إذ تعتبر ولايات متأرجحة ومن ثم كسبها قد يكون الطريق إلى البيت الأبيض.
ووفق صحيفة التليغراف البريطانية فإنه قبل تقديم شكواهم إلى لجنة الانتخابات الفيدرالية، انتقد الجمهوريون المشاركة من قبل حزب العمال البريطاني، وحذروا من أنها ستضر بعلاقة أمريكا وبريطانيا، في حالة فوز دونالد ترامب بالرئاسة.
وفي حديثه لقناة بريطانية، قال ريتشارد جرينيل، القائم بأعمال مدير المخابرات الوطنية الأمريكية السابق في عهد ترامب: «لا نريد أن يكون هناك أي تدخل أجنبي في انتخاباتنا.. لذلك أعتقد أنها قضية بسيطة: لا تتدخل في الانتخابات الأمريكية ولن تتم مقاضاتك».
ـ ما الإجراء المحتمل؟ ـ
ووفق خبراء القانون، فإن لجنة الانتخابات الفيدرالية تجري مراجعاتها على أساس كل حالة على حدة. وإذا تبين لها حدوث مخالفة، تتنوع الردود من تحذير كتابي إلى غرامة مالية.
وفي يوليو/تموز الماضي، قدمت حملة ترامب شكوى رسمية بشأن تحويل الأموال التي تم جمعها من أجل حملة إعادة انتخاب الرئيس جو بايدن إلى حملة هاريس، ولكن يبدو أن الشكوى الجديدة هي المرة الأولى من هذا النوع بشأن حزب سياسي في بريطانيا.
ـ واقعتا كلينتون وبوش ـ
ومع ذلك، في تسعينات القرن الماضي، اعتذر رئيس الحكومة البريطاني الأسبق جون ميجور للرئيس الأمريكي آنذاك بيل كلينتون، وهو ديمقراطي، بعد أن قامت وزارة الداخلية البريطانية بالتحقق مما إذا كان كلينتون قد تقدم بطلب للحصول على الجنسية البريطانية أثناء وجوده في جامعة أكسفورد من أجل تفادي التجنيد الإجباري لحرب فيتنام، حسبما ذكرت صحيفة واشنطن بوست، وهو ربما ما كان سيلقي بظلاله على فرص كلينتون في الانتخابات.
كما اتهم السياسيون البريطانيون رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير بمحاولة مساعدة جهود إعادة انتخاب جورج دبليو بوش في عام 2004 من خلال نقل القوات البريطانية بالقرب من بغداد. وفي ذلك الوقت كان بوش يتعرض لضغوط للرد على الادعاءات القائلة بأن الجنود الأمريكيين وحدهم هم الذين يتكبدون خسائر كبيرة في العراق.
وفي عام 2018، تم تغريم حملة السيناتور من فيرمونت بيرني ساندرز 14500 دولار بعد أن وجدت لجنة الانتخابات الفيدرالية أنها قبلت مساهمة غير قانونية من حزب العمال الأسترالي.
ـ رأي الخبراء ـ
وقال الخبراء إنه إذا تابعت لجنة الانتخابات الفيدرالية أياً من الشكاوى، فمن غير المرجح أن يتم اتخاذ أي إجراء إلا بعد الخامس من نوفمبر، وهو موعد إجراء الانتخابات الأمريكية.
ويؤكد مارجوري تايلور جرين، عضو الكونجرس عن الحزب الجمهوري وحليف كبير لترامب، أنه «لا يُسمح للمواطنين الأجانب بالمشاركة بأي شكل من الأشكال في الانتخابات الأمريكية». كما قال الملياردير إيلون ماسك، والمؤيد الكبير لترامب إن: «هذا غير قانوني».
رداً على ذلك، قال مسؤول في حزب العمال البريطاني لصحيفة بوليتيكو: «إن الأمر يوضح الكثير عن المستوى الحالي للخطاب السياسي على جانبي المحيط الأطلسي، حيث تحول منشور غير ضار على موقع LinkedIn من أحد موظفي الحزب إلى حدث دبلوماسي».

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى