عملية نهب «بيتكوين» تاريخية.. مرتبطة بخطف وإنفاق بذخي
إعداد: خنساء الزبير
كشفت سجلات قضائية جديدة أن شابين متهمين بارتكاب واحدة من أكبر سرقات العملات المشفرة، عن طريق التداول من شخص إلى شخص، قاما بإنفاق مبالغ باهظة شملت شراء سيارات فاخرة وساعة يد بقيمة مليونَي دولار، واستئجار قصور، وصرف بذخي بمئات الآلاف من الدولارات على الترفيه.
ففي الثامن عشر من أغسطس/آب، تمكّن مجرم إلكتروني من الاحتيال على أحد سكان العاصمة الأمريكية واشنطن، وسرقة 230 مليون دولار من العملات المشفرة. وحتى الآن، لا يزال مصير ما لا يقل عن 100 مليون دولار من عملة البيتكوين المسروقة من الضحية مجهولاً، حسبما قال ممثلو الادعاء في ملف قضائي قدّم مؤخراً إلى المحكمة الفيدرالية في مقاطعة كولومبيا.
اختطاف زوجين
وتقول الشرطة الآن، إن جريمة أخرى، وهي اختطاف زوجين من ولاية كونيتيكت في وضح النهار في 25 أغسطس/آب أثناء بحثهما عن منزل، ربما تكون مرتبطة أيضاً بسرقة العملات المشفرة في واشنطن، وكان الزوجان يقودان سيارة لامبورجيني قالا، إن ابنهما استأجرها في الوقت الذي تعرّضا فيه للسرقة والاختطاف.
وجاء في لائحة الاتهام ضد المتهمين الستة في تلك القضية أن الخاطفين المتهمين استهدفوا الزوجين؛ لأنهم كانوا يعتقدون أن نجل الضحيتين لديه إمكانية الوصول إلى كميات كبيرة من العملة الرقمية.
وبالإضافة إلى تهم التآمر على المستوى الفيدرالي وسرقة السيارات، يواجه المتهمون اتهامات جنائية على مستوى الولاية تتعلق بالاختطاف، الذي حدث بعد أسبوع من سرقة 4100 بيتكوين من الضحية في واشنطن العاصمة.
خطة الاحتيال
واستهدف سيرانو ولام وآخرون، لم يتم الكشف عن أسمائهم، رجلاً في واشنطن؛ لأنهم اعتقدوا أنه يمتلك كمية كبيرة من العملة الافتراضية بحسب ملفات المحكمة.
وفي أوائل أغسطس/آب قام أحد المتآمرين بإرسال إشعار «وصول غير مصرح به إلى حساب جوجل» للضحية، مما يجعل الأمر يبدو وكأن محاولات الوصول حدثت في الخارج، وفقاً لملف قضائي.
وقال ممثلو الادعاء في الملف، إن ذلك في الواقع كان مجرد قيام المتآمرين بوضع الأساس لسرقتهم الوشيكة من خلال الهندسة الاجتماعية المتطورة.
وفي 18 أغسطس/آب، اتصل أعضاء المؤامرة بالرجل، زاعمين أنهم من فريق الأمان في جوجل، وسألوه عن محاولات الوصول غير المصرح بها الأخيرة.
ومن خلال سلسلة من المطالبات والتحريفات تمكّن المتآمرون من التلاعب بالرجل ليعطيهم معلومات كافية للوصول إلى محرك «جوجل» الخاص به؛ حيث حدّدوا بسرعة معلومات مالية شخصية، بما في ذلك موقع حيازاته من العملات الافتراضية في بورصة العملات المشفرة «جيميني».
وقال ممثلو الادعاء: «إن سيرانو والمشاركين الآخرين في الخطة اتصلوا بالرجل مرة أخرى، وتظاهر سيرانو بأنه أحد أعضاء فريق دعم جيميني».
وبينما كان سيرانو يتحدث إلى الضحية كان هو وشركاؤه في المؤامرة يتواصلون مع بعضهم على تطبيقات المراسلة ديسكورد وتليغرام، ويضعون استراتيجيات حول طرق التلاعب بالضحية لحمله على توفير مفاتيح خاصة لممتلكاته من العملات الافتراضية، وإمكانية الوصول إلى الكمبيوتر بما يكفي للمتآمرين لسرقة مدخراته بالكامل، حسبما جاء في الملف.
ثم قام المخططون بخداع الرجل لتحميل برمجية على جهاز الكمبيوتر الخاص به، وأوهموه بأنها لحماية ممتلكاته في جيميني، ولكنها في الحقيقة أعطتهم إمكانية الوصول في الوقت الحقيقي إلى سطح مكتب الضحية.
وفي نهاية المطاف تمكّن سيرانو من التلاعب بالضحية ليفتح ملفات بمفاتيح خاصة لأكثر من 4100 بيتكوين حسبما جاء في ملف المحكمة.
وبينما واصل سيرانو التلاعب بالضحية استخدم شريكه هذا الوصول لسرقة كامل احتياطيات العملة الافتراضية الخاصة بالضحية بسرعة.
وقد استخدم المخططون بعد ذلك تقنيات غسل أموال متطورة؛ لإخفاء العائدات وإخفاء هوياتهم؛ حيث أنشأ سيرانو حساباً على TradeOgre.com وأودع 29 مليون دولار من العملات المشفرة، معتقداً أنها سيتم غسلها بنجاح.
هفوة الجاني
رغم أن سيرانو كان يستخدم شبكة خاصة افتراضية، «VPN»، لإخفاء مكان تواجده عند الدخول إلى حسابه فإنه أخفق في استخدام هذه الشبكة عند إنشاء الحساب.
وتظهر السجلات من TradeOgre أن الحساب تمّ إنشاؤه من عنوان بروتوكول إنترنت (IP) مسجل لمنزل سيرانو الذي استأجره مقابل 47500 دولار شهرياً في إنسينو بولاية كاليفورنيا.
وفي الوقت الذي تم فيه التعرف إلى سيرانو من قبل السلطات الفيدرالية كان هو خارج البلاد يقضي إجازته في جزر المالديف، ولكن تمّ إلقاء القبض عليه في مطار لوس أنجلوس فور عودته في 18 سبتمبر/أيلول.
وفي الوقت ذاته كان شريكه المتآمر مالون لام ينفق مئات الآلاف من الدولارات في الليلة الواحدة بأماكن الترفيه، ويجمع سيارات لامبورجيني وفيراري وبورش المصممة خصيصاً.
وكان لام يستأجر منازل متعددة في ميامي وأحد القصور التي استأجرها هناك يكلف 68 ألف دولار شهرياً، وفقاً للملف، وهو مواطن من سنغافورة تم القبض عليه في ميامي بعد سفره إلى هناك من لوس أنجلوس على متن طائرة خاصة.
وفي 19 سبتمبر/أيلول، بعد شهر واحد فقط من سرقة العملات المشفرة، أعلن مكتب المدعي العام الأمريكي لمنطقة كولومبيا أن مكتب التحقيقات الفيدرالي القبض عليهما بتهمة التآمر المتعلقة بالسرقة وغسل عملة البيتكوين المنهوبة.
وقال الادعاء في ملفات المحكمة أنهما اعترفا بدورهما في السرقة.