قبلة الحياة لنتنياهو

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
قبلة الحياة لنتنياهو, اليوم الثلاثاء 16 أبريل 2024 12:13 صباحاً

المصدر:

التاريخ: 16 أبريل 2024

ت + ت - الحجم الطبيعي

كنا – وغيرنا كثيرون من الكتاب والمحللين حول العالم – قد أفضنا في عديد من المقالات في هذه المساحة، خلال الشهور الثلاثة الأخيرة على الأقل، في تتبع وتحليل التغيرات الجوهرية التي طرأت على إسرائيل داخلياً والأهم على أوضاعها وصورتها الدولية، من جراء عدوانها الدموي على قطاع غزة منذ ستة شهور إلى الآن.

ووصلنا في هذا التحليل إلى مقالنا الأخير الأسبوع الماضي، والذي حمل عنوان «إسرائيل الأخرى»، في إشارة واضحة إلى هذه التغيرات الكبرى الجوهرية التي لحقت بها داخلياً وخارجياً.

وتحت وطأة هذه التغيرات وخصوصاً ما يتعلق منها بالتوترات غير المسبوقة في علاقة إسرائيل بالولايات المتحدة وغالبية الدول الأوروبية، والموقف المصري الحاسم والصلب منذ البداية تجاه كل مفردات العدوان الإسرائيلي، اضطرت حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى التراجع بعض الخطوات إلى الخلف، وهو ما تجلى في فتح معبر كرم أبو سالم، والبدء في إعداد معبر آخر قريب من معبر بيت حانون «إيرز» في شمال غزة، وبالتالي السماح بدخول أعداد أكبر من شاحنات المساعدات الإغاثية والإنسانية يتجاوز الآن 300 شاحنة يومياً.

وتجلت هذه الضغوط الكثيفة على إسرائيل – وبالطبع معها وقبلها الصمود الأسطوري لأهل غزة – في مسارين آخرين مهمين.

فمن ناحية، تكثفت الضغوط من كل دول العالم تقريباً، وبما فيها الأمريكية والأوروبية، ورفعت مصر من مستوى تحذيراتها لتصل لرئيس الجمهورية الذي أعلنها على الأقل ثلاث مرات، لتمنع الحكومة الإسرائيلية من الإقدام على المغامرة «الجنونية» باجتياح منطقة رفح، التي يسكنها نحو 1.5 مليون فلسطيني أغلبيتهم الساحقة من النازحين.

وقد أسفرت هذه الضغوط عن قيام الجيش الإسرائيلي بسحب كل قواته من مناطق جنوب غزة وخاصة خان يونس، بحجة إراحتها تمهيداً للعودة هناك من جديد. ولكن الحقيقة هي أن «نية» اجتياح رفح راحت تترنح وتتراجع من الناحية العملية، بعد أن اتفق كل أصدقاء إسرائيل، وغير أصدقائها، على خطورة هذا ورفضه تماماً.

من جهة أخرى كانت مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة وتبادل الأسرى والمحتجزين لدى إسرائيل و«حماس»، مع ترتيبات لعودة النازحين لمناطق إقاماتهم في أرجاء القطاع، وتكثيف وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، خلال الشهرين الأخيرين ما بين باريس والقاهرة والدوحة، تتعثر أحياناً وتتقدم أحياناً أخرى، وصولاً لمرحلتها الحالية الأخيرة في القاهرة والتي أوضحت مؤشرات عديدة أنها على وشك النجاح.

وسط كل هذه التغيرات المهمة الضاغطة على إسرائيل بصورة غير مسبوقة، أتى الرد الإيراني العسكري على إسرائيل بعد هجومها على القنصلية الإيرانية في دمشق وقتلها بعض القادة في الحرس الثوري هناك.

وبعيداً عن أي تفاصيل عسكرية أو تكتيكية تخص هذا الهجوم بالمسيرات والصواريخ، والذي لم يسبب خسائر مادية أو بشرية تذكر لإسرائيل، فالمؤكد أن تأثيراته على مجرى الحرب الإسرائيلية على غزة واحتمالات تطور الموقف الإسرائيلي منها ستكون سلبية، وليست إيجابية على الإطلاق.

فقد عاد الالتفاف الأمريكي والأوروبي مرة أخرى حول إسرائيل التي عاودت تقديم نفسها باعتبارها «الضحية»، وهو هذه المرة كان عملياً ومؤثراً بتدخلات عسكرية مباشرة لإسقاط المسيرات والصواريخ الإيرانية.

ولكن الأهم هو تلك المساندة السياسية والدبلوماسية التي جنتها إسرائيل من الهجوم الإيراني، والتي ستتواصل أمريكياً وأوروبياً في المستقبل، الأمر الذي أصاب المواقف الضاغطة بشدة عليها بسبب مأساة غزة، بأضرار كبيرة، ستسعى حكومة نتنياهو بدون شك للاستفادة منها في تصعيد العدوان على غزة، بما في هذا العودة من جديد لسيناريو اجتياح رفح. كذلك، فإن مسار التفاوض حول وقف إطلاق النار الدائر الآن في القاهرة، بدأ في التأثر وسيستمر هذا خلال الفترة القادمة لصالح مواقف حكومة نتنياهو المتشددة، مما قد ينذر بتأخير الوصول لنتائج إيجابية منه أو ربما إفشاله تماماً.

إذا كانت غزة وما يقع عليها من عدوان هي بوصلة وهدف الهجوم الإيراني، فعلى الأرجح أنه قد أفاد حكومة نتنياهو المتطرفة كثيراً في الاستمرار في عدوانها والتخلص - ولو مؤقتاً – من قدر كبير من الضغوط الدولية والداخلية الواقعة عليها، بما سيؤدي بها إلى مواصلة أكثف وأشد عنفاً لهذا العدوان.

إنها «قبلة الحياة» لنتنياهو وحكومته المتطرفة.

 

Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق